فصل: فصل في طبقات الرجال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.أبحاث تتعلق بالآية:

.فصل في طبقات الرجال:

قال ابن عبد ربه:
قال خالدُ بنُ صَفْوان: الناسُ ثلاثُ طبقات: طَبقة عُلماء، وطَبقة خُطباء، وطبقة أدباء ورِجْرِجة بين ذلك يغْلُون الأسعار، ويُضَيِّقون الأسواق، ويُكَدِّرون المِياه.
وقال الحسنِ: الرِّجال ثلاثة: فَرَجل كالغِذاء لا يُسْتغنى عنه، ورَجُل كالدَّواء لا يحتاج إِليه إلا حِيناَ بعد حِين، ورَجل كالدَّاء لا يحتاج إليه أبدًا.
وقال مُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير: الناسُ ثَلاثة: ناسٌ ونَسْناس وناس غُمِسوا في ماء الناس.
وقال الخليل بن أحمد: الرجالُ أربعة: فَرَجل يَدْرِيَ ويَدْري أنه يَدْري، فذلك عالم فَسَلُوه، ورجُل يَدْري ولا يَدْري أنه يَدْري فذلك النَّاسي فذَكِّروه، ورجُل لا يَدْري ويَدْري أنه لا يَدْري، فذلك الجاهلُ فعلِّموه، ورجُل لا يَدْري ولا يَدري أنه لا يَدري، فذلك الأحمقُ فارفضوه.
وقال الشاعر:
أَليس من البَلْوى بأنّك جاهل ** وأنك لا تَدْري بأنك لا تَدْري

إذا كنت لا تَدْري ولستَ كمن درَى ** فكيف إذًا تَدْرِي بأنك لا تَدْري

ولآخر:
وما الدَّاء إلا أن تُعلِّم جاهلًا ** ويَزْعُم جهلًا أنه منك أَعْلَمُ

وقال علّيّ بن أبي طالب رضي الله عنه: الناس ثلاثة: عالمٌ ربَّاني، ومُتعلِّم على سَبِيل نَجَاة، ورَعَاع هَمَجٌ يميلون مع كل ريح.
وقالت الحُكماء: الِإخوانُ ثَلاثة: فأخٌ يُخْلِص لك ودَّه، ويَبْذُلُ لك رِفْدَه، ويَستَفْرغ في مُهمِّك جُهْده؟ وأَخٌ ذو نِيّة يَقْتصر بك على حُسن نيَّته دون رِفْده ومَعُونته، وأخٌ يتَملق لك بلِسانِه ويَتَشاغَل عنك بشانه، ويُوسعكَ مِن كَذِبه وأيمانه.
وقال الشعبيّ. مَرَّ رجُل بعبد الله بن مَسعُود، فقال لأصحابه: هذا لا يَعْلم، ولا يَعْلم أنه لا يَعْلم، ولا يَتعلّمِ ممن يَعْلم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كُنْ عالماَ أو مُتَعلمًا ولا تكُن الثالثةَ فتَهْلِك. اهـ.

.من صور تكريم الإسلام للمرأة:

الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد /2004
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله؛ فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها.
وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة، التي يغار عليها وليها، ويحوطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء، ولا ألسنة بأذى، ولا أعين بخيانة.
وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله، وميثاقه الغليظ؛ فتكون في بيت الزوج بأعز جوار، وأمنع ذمار، وواجب على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها.
وإذا كانت أمًّا كان برُّها مقرونًا بحق الله تعالى وعقوقها والإساءة إليها مقرونًا بالشرك بالله، والفساد في الأرض.
وإذا كانت أختًا فهي التي أُمر المسلم بصلتها، وإكرامها، والغيرة عليها.
وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة.
وإذا كانت جدة، أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها، وأحفادها، وجميع أقاربها؛ فلا يكاد يرد لها طلب، ولا يُسَفَّه لها رأي.
وإذا كانت بعيدة عن الإنسان لا يدنيها قرابة أو جوار كان له حق الإسلام العام من كف الأذى، وغض البصر ونحو ذلك.
وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية، مما جعل للمرأة قيمة واعتبارًا لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة.
ثم إن للمرأة في الإسلام حق التملك، والإجارة، والبيع، والشراء، وسائر العقود، ولها حق التعلم، والتعليم، بما لا يخالف دينها؛ بل إن من العلم ما هو فرض عين يأثم تاركه ذكرًا أم أنثى.
بل إن لها ما للرجال إلا بما تختص به من دون الرجال، أو بما يختصون به دونها من الحقوق والأحكام التي تلائم كُلًا منهما على نحو ما هو مفصل في مواضعه.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها، ويحفظ كرامتها، ويحميها من الألسنة البذيئة، والأعين الغادرة، والأيدي الباطشة؛ فأمرها بالحجاب والستر، والبعد عن التبرج وعن الاختلاط بالرجال الأجانب، وعن كل ما يؤدي إلى فتنتها.
ومن إكرام الإسلام لها: أن أمر الزوج بالإنفاق عليها، وإحسان معاشرتها، والحذر من ظلمها، والإساءة إليها.
بل ومن المحاسن- أيضًا- أن أباح للزوجين أن يفترقا إذا لم يكن بينهما وفاق، ولم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة؛ فأباح للزوج طلاقها بعد أن تخفق جميع محاولات الإصلاح، وحين تصبح حياتهما جحيمًا لا يطاق.
وأباح للزوجة أن تفارق الزوج إذا كان ظالمًا لها، سيئًا في معاشرتها، فلها أن تفارقه على عوض تتفق مع الزوج فيه، فتدفع له شيئًا من المال، أو تصطلح معه على شيء معين ثم تفارقه.
ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن نهى الزوج أن يضرب زوجته بلا مسوغ، وجعل لها الحق الكامل في أن تشكو حالها إلى أوليائها، أو أن ترفع للحاكم أمرها؛ لأنها إنسان مكرم داخل في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
وليس حسن المعاشرة أمرًا اختياريًا متروكًا للزوج إن شاء فعله وإن شاء تركه، بل هو تكليف واجب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يضاجعها» رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث من أبلغ ما يمكن أن يقال في تشنيع ضرب النساء؛ إذ كيف يليق بالإنسان أن يجعل امرأته- وهي كنفسه- مهينة كمهانة عبده بحيث يضربها بسوطه، مع أنه يعلم أنه لابد له من الاجتماع والاتصال الخاص بها.
ولا يفهم مما مضى الاعتراض على مشروعية ضرب الزوجة بضوابطه، ولا يعني أن الضرب مذموم بكل حال.
لا، ليس الأمر كذلك؛ فلا يطعن في مشروعية الضرب إلا من جهل هداية الدين، وحكمة تشريعاته من أعداء الإسلام ومطاياهم ممن نبتوا من حقل الغرب، ورضعوا من لبانه، ونشأوا في ظله.
هؤلاء الذين يتظاهرون بتقديس النساء والدفاع عن حقوقهن؛ فهم يطعنون في هذا الحكم، ويتأففون منه، ويعدونه إهانة للمرأة.
وما ندري من الذي أهان المرأة؟ أهو ربّها الرحيم الكريم الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير، أم هؤلاء الذين يريدونها سلعة تمتهن وتهان، فإذا انتهت مدة صلاحيتها ضربوا بها وجه الثرى؟!
إن هؤلاء القوم يستنكفون من مشروعية تأديب المرأة الناشز، ولا يستنكفون أن تنشز المرأة، وتترفع على زوجها، فتجعله- وهو رأس البيت- مرؤوسًا، وتصر على نشوزها، وتمشي في غلوائها، فلا تلين لوعظه، ولا تستجيب لنصحه، ولا تبالي بإعراضه وهجره.
تُرى كيف يعالجون هذا النشوز؟ وبم يشيرون على الأزواج أن يعاملوا به الزوجات إذا تمَرَّدْنَ؟
لعل الجواب تضمنه قول الشنفرى الشاعر الجاهلي حين قال مخاطبًا زوجته:
إذا ما جئتِ ما أنهاكِ عنه ** فلم أنكر عليك فطلقيني

فأنتِ البعلُ يومئذٍ فقومي ** بسوطك- لا أبا لك- فاضربيني

نعم لقد وجد من النساء- وفي الغرب خاصة- من تضرب زوجها مرة إثر مرة، والزوج يكتم أمره، فلما لم يعد يطيق ذلك طلَّقها، حينئذٍ ندمت المرأة، وقالت: أنا السبب؛ فلقد كنت أضربه، وكان يستحيي من الإخبار بذلك، ولما نفد صبره طلَّقني!
وقالت تلك المرأة القوامة: أنا نادمة على ما فعلت، وأوجه النصيحة بألا تضرب الزوجات أزواجهن!
لقد أذن الإسلام بضرب الزوجة كما في قوله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34].
وكما في قوله- عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع: «ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبَرِّح».
ولكن الإسلام حين أذن بضرب الزوجة لم يأذن بالضرب المبرح الذي يقصد به التشفي، والانتقام، والتعذيب، وإهانة المرأة وإرغامها على معيشة لا ترضى بها.
وإنما هو ضرب للحاجة وللتأديب، تصحبه عاطفة المربي والمؤدب؛ فليس للزوج أن يضرب زوجته بهواه، وليس له إن ضربها أن يقسو عليها؛ فالإسلام أذن بالضرب بشروط منها:
أ- أن تصر الزوجة على العصيان حتى بعد التدرج معها.
ب- أن يتناسب العقاب مع نوع التقصير؛ فلا يبادر إلى الهجر في المضجع في أمر لا يستحق إلا الوعظ والإرشاد، ولا يبادر إلى الضرب وهو لم يجرب الهجر؛ ذلك أن العقاب بأكثر من حجم الذنب ظلم.
ج- أن يستحضر أن المقصود من الضرب العلاجُ والتأديب والزجر لا غير؛ فيراعي التخفيف فيه على أحسن الوجوه؛ فالضرب يتحقق باللكزة، أو بالمسواك ونحوه.
د- أن يتجنب الأماكن المخوفة كالرأس والبطن والوجه.
هـ- ألا يكسر عظمًا، ولا يشين عضوًا، وألا يدميها، ولا يكرر الضربة في الموضع الواحد.
و- ألا يتمادى في العقوبة قولًا أو فعلًا إذا هي ارتدعت وتركت النشوز.
فالضرب- إذًا- للمصلحة لا للإهانة، ولو ماتت الزوجة بسبب ضرب الزوج لوجبت الدية والكفارة، إذا كان الضرب لغير التأديب المأذون فيه.
أما إذا كان التلف مع التأديب المشروع فلا ضمان عليه، هذا مذهب أحمد ومالك.
أما الشافعي وأبو حنيفة فيرون الضمان في ذلك، ووافقهم القرطبي- وهو مالكي.